تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية داخل جمهورية مصر العربية
تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية داخل جمهورية مصر العربية
التحكيم هو طريق من طرق حل النزاعات، حيث يتفق الأطراف على تسوية النزاعات، التي تنشأ عن اتفاق أو علاقة تجارية بينهم، دون اللجوء إلى القضاء الوطني، وذلك عن طريق تعيين شخص (أشخاص) محايد يطلق عليه المحكِّم (المحكِّمين) لنظر قضيتهم وإصدار قرار مُلزم لكل الأطراف.
تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية داخل جمهورية مصر العربية
تختلف آلية التحكيم عن إجراءات المحاكم التقليدية، حيث يتم اختيار المحكِّم (المحكِّمين) والقانون المطبق من قِبل الأطراف، وتكون الإجراءات في الغالب أقصر مدة. وتهدف إجراءات التحكيم إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من الدقة والعدالة والكفاءة، وإصدار قرار نهائي ومُلزم وقابل للتنفيذ. ونتيجة لذلك، فإن الهدف الرئيسي وراء اللجوء إلى التحكيم هو تفادي الإجراءات القضائية المطولة والمعقدة.
ظل التحكيم في مصر لسنوات عديدة غير مُقنن، حيث كانت تحكمه المواد ٥٠١ إلى ٥١٣ من قانون المرافعات المدنية والتجارية، حتى تم إصدار القانون رقم ٢٧ لعام ١٩٩٤، الذي قنن التحكيم في مصر.
تعريف الحكم التحكيم وطبيعته
حكم التحكيم هو كل قرار مكتوب يصدر من محكِّم (محكِّمين) له ولاية وفقاً لبنود وأحكام اتفاق التحكيم المُتفق عليه بين الأطراف، ويفصل في مسألة موضوعية أو إجرائية وفقاً للقانون أو اتفاق التحكيم.
أما بالنسبة لطبيعة حكم التحكيم؛ فيجب أن يصدر الحكم مكتوب ومُوقع من قِبل المحكِّمين، ومسبب (ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك)، ويجب أن يشتمل الحكم على جميع بيانات الخصوم والمحكمين. وأي مخالفة للشروط السابقة يؤدي لبطلان حكم التحكيم.
ويجوز لكل من طرفي التحكيم أن يطلب من هيئة التحكيم تفسير الحكم الصادر منها خلال الثلاثين يوماً التالية لإعلانه بحكم التحكيم، ويقوم الطالب بإعلان الطرف الآخر بهذا الطلب قبل تقديمه.
تنفيذ احكام التحكيم الاجنبية والقوانين الواجب تطبيقها
يخضع تنفيذ أحكام المحكِّمين الأجنبية للاتفاقية الخاصة بالاعتراف و تنفيذ احكام التحكيم الاجنبية عام ١٩٥٨، والمعروفة باسم اتفاقية نيويورك، حيث انضمت مصر لهذه الاتفاقية عام ١٩٥٩؛ بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم ١٧١.
ووفقاً لاتفاقية نيويورك، يتم الإعتراف بالحكم والأمر بتنفيذه طبقاً لقواعد المرافعات المتبعة في البلد المطلوب التنفيذ فيها.
تنفيذ احكام التحكيم الاجنبية داخل مصر
من الناحية القانونية، تتمتع التشريعات التالية بالاختصاص الحصري بشأن تنفيذ احكام التحكيم الاجنبية على النحو التالي:
- قانون المرافعات المصري وبشكل خاص المواد من ٢٩٧ – ٣٠١ المتعلقة بتنفيذ أحكام التحكيم والقضاء الأجنبية.
- قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤، وبشكل محدد المواد ٩، ٥٥، ٥٦، ٥٧، والمادة ٥٨.
المحكمة المختصة بتنفيذ أحكام التحكيم وإجراءاته
تختلف المحكمة المختصة بإصدار أمر التنفيذ وفقاً لنوع التحكيم. فبالنسبة لأحكام التحكيم الدولية التجارية، يكون لمحكمة استئناف القاهرة الاختصاص أو أي محكمة استئناف أخرى يتفق عليها الطرفان.
وفي هذه الحالة، يستطيع الشخص الصادر لصالحه الحكم تنفيذ القرار الصادر فوراً، حيث أن قرار محكمة الاستئناف في هذا الصدد يعد نهائي وقابل للتنفيذ على الفور.
ومن جهة أخرى، في حالة أحكام التحكيم المحلية أو الوطنية، تختص المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع إصدار أوامر التنفيذ لأحكام التحكيم المحلية.
ونظراً لأن القانون يلزم هيئات التحكيم بتسليم الأطراف نسخة من حكم التحكيم موقعة من جميع المحكِّمين خلال ٣٠ يوم من تاريخ صدوره، فإنه يجب على الطرف الصادر لصالحه الحكم، من أجل تنفيذ هذا الحكم، إيداع الحكم أو صورة موقعة من الأطراف لقلم كتاب المحكمة المختصة ويقوم هذا الأخير بإصدار محضر بهذا الإيداع.
قرار المحكمة المختصة بشأن طلب التنفيذ والتظلم منه
يجب تقديم طلب تنفيذ حكم التحكيم بعد انقضاء مدة ٩٠ يوم، وهي المدة التي يجوز خلالها رفع دعوى بطلان الحكم، من تاريخ إخطار الأطراف بهذا الحكم. وبعد ذلك، تحكم المحكمة المختصة في طلب تنفيذ حكم التحكيم المُقدم أمامها.
مع العلم بأن القاضي المختص بنظر هذا الطلب غير مختص بالنظر في حكم التحكيم من ناحية تطبيق القانون أو الوقائع، حيث يحكم القاضي سواء بقبول طلب التنفيذ أو رفضه.
مع الأخذ فالاعتبار، أنه لن يتم قبول طلب تنفيذ حكم التحكيم إذا تحققت حالة من الحالات التالية:
- تعارض حكم التحكيم مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع.
- تضمن حكم التحكيم ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية.
- عدم إعلان للمحكوم عليه إعلاناً صحيحاً.
علاوة على ذلك، ووفقاً للمادة ٥٨(٣) من قانون التحكيم، يجوز للشخص الصادر لصالحه الحكم التظلم من القرار الصادر برفض التنفيذ الصادر من المحكمة المختصة خلال ٣٠ يوماً من تاريخ صدور القرار. ومن ناحية أخرى، يمكن أيضاً التظلم من قرار الموافقة على طلب التنفيذ من قِبل الطرف الذي سيتم التنفيذ ضده خلال ٣٠ يوماً من صدور القرار.
يسقط الأمر بوضع الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم إذا لم ينفذ خلال ٣٠ يوماً. وفي جميع الأحوال، يجوز للشخص الصادر لصالحه حكم التحكيم إعادة تقديم طلب التنفيذ.