Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تحقيقات وقضايا

هل يجوز دخول المنازل لغير التفتيش

هل يجوز دخول المنازل لغير التفتيش

صور التفتيش

التفتيش داخل السجون، وتفتيش المطارات بحثا عن أسلحة أو مفرقعات لتأمينها من حوادث الإرهاب. ومن صوره أيضا دخول المحلات العامة للتحقق من مراعاة القانون واللوائح، وتفتيش القطارات بحثــا عن أسلحة ومفرقعات تأمينا لسلامة القطارات وركابها من حوادث الإرهاب إذ هو إجراء إداري تحفظي لا يجوز أن يختلط مع التفتيش القضائي،،،

وإن كان يختلط بالتفتيش الوقائي وإن تميز عنه في أن مصدره قد يكون قرارا إداريا أو يكون شرطا للوجود في مكان معين يرتضيه من يريد هذا الوجود.

هل يجوز دخول المنازل لغير التفتيش

وقد قضت محكمة النقض أن التفتيش الإداري بقطاع الأمن المركزي هو مــا يجري بداخله، أما ما يجري خارجه فإنه يخضع للقواعد الواردة بقانون الإجراءات الجنائية.

وكما قالت محكمة النقض، فإن التفتيش الإداري ليس عصفا بحريات الناس، فالتفتيش الإداري عند إطلاق تنبيه صافرة جهاز الإنذار أثناء مرور الشخص فضلا عن علامات الارتباك التي بدت عليه عند الاستفسار عن. عمله لممنوعات تدعو إلى التحفظ على اللفافة التي أخرجها من ملابسه وفضها لاحتمال أن تكون بها أسلحة أو ممنوعات.

 هل دخول المحلات العامة يعد تفتيش

لمأموري الضبط القضائي – بوصفهم من الضبط الإداري – الحق في دخول المحلات العامة للتحقق من تنفيذ القوانين واللوائح الخاصة بها (المادة ٣٣ مــن القانون رقم ۳۸ لسنة ١٩٤١). وهذا الدخول ليس تفتيشا لأنه لا يهدف إلى ضبط أدلة في جريمة معينة يدور حولها التحقيق وإنما هو إجراء إداري للتحقق من تنفيذ القوانين واللوائح.

والعبرة في المحلات العامة ليست بالأسماء التي تعطى لها ولكن بحقيقة الواقع من أمرها، فمتى ثبت أن المحل الذي يسميه المسئول عنه محلا خاصا هو في حقيقة الواقع محل عام كان لمأموري الضبط أن يدخلوه لمراقبة ما يجري فيه، فالمحل الذي توجد فيه موائد ومقاعد وتقدم فيه الخمر للرواد يعد محلا عاما ولو لم يكن مرخصا. وكذلك الأمر بالنسبة إلى المسكن إذا كان صاحبه قد أعده للعب القمار وسمح للناس دون تمييز بالتردد عليه.

ويلاحظ أن المشرع حين أجاز لمأمور الضبط القضائي دخول المحال العامة المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح – لم يبح لهم الاطلاع إلا بالقدر الذي يحقق الغرض المقصود من بسط هذه الرقابة ولا يتعداه إلى غيره. ومن ثم، فإن هذه الإجازة تنحسر قانونا إذا تحول المحل العام إلى محل خاص بعد غلقه سواء في أيام الراحة الأسبوعية أو ليلا.

ولا يجوز لمأمور الضبط القضائي في أثناء دخوله المحل العام لمراقبة تنفيذ القوانين أن يتعرض بالبحث فيما يحتويه من أشياء احتفظ بها صاحب المحل أو مديره في مكان خاص ، ولا تفتيش أحد رواده ، ولا استكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة،  وإلا أصبح تفتيشه باطلا ولكن إذا ادرك بأحد حواسه وقبل التعرض لشيء ما أن ثمة جريمة ،وقعت كما إذا شاهد عرضا أثناء ارتياده المحل جريمة في حالة تلبس فإن توافر حالة التلبس يجيز له تفتيش المكان وفتح الأشياء المغلقة، بناء على حالة التلبس لا بناء على حق دخول المحال العامة والإشراف على تنفيذ القوانين واللوائح، ويكون التفتيش بالقدر اللازم لضبط أدلة هذه الجريمة المتلبس بها.

التفتيش عند ركوب الطائرات

اضطرت شركات الطيران إلى تفتيش الركاب قبل ركوب الطائرات على أثر ازداد حوادث الإرهاب الدولي وخطف الطائرات، وتستند صحة هذا التفتيش إلى رضاء الراكب بحسب أن هذا التفتيش أصبح شرطا للسماح بركوب الطائرة. فإذا رفض الراكب التفتيش فلا يجوز تفتيشه قسرا عنه إلا إذا توافرت حالة التلبس بجناية أو جنحة ولا تملك شركة الطيران نحو غير عدم الموافقة على ركوب الطائرة.

وعلى ذلك، فالرضاء الحر للراكب وحده هو أساس صحة هذا التفتيش بحكم علمه بنظام ركوب الطائرات وما يتطلبه من تفتيش الركاب. فإذا عثر معه على شيء مما تعد حيازته جريمة أمكن ضبطه بناء على حالة التلبس، لأن هذا التفتيش من الناحية القانونية هو تفتيش إداري ينبني على موافقة ضمنية من صاحب الشأن على الاطلاع على ما يحوزه أو يحرزه فهذا التفتيش ليس إلا صورة من صور التفتيش الإداري السابق بيانه.

التفتيش الجمركي

نص قانون الجمارك رقم ٦٦ لسنة ۱۹٦٣ في المادة ٢٨ على أن لموظفي الجمارك حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية وفي الأماكن والمستودعات الخاضعة لإشراف الجمارك. ونصت المادة٢٨/٢منه على أن لموظفي الجمارك في حالة وجود شبهة قوية على التهريب الحق في تفتيش الأماكن والمحلات داخل نطاق الرقابة للبحث عن البضائع المهربة ولا بأس من الاستعانة بغيرهم ممن يريدون مساعدتهم مادام ذلك تحت إشرافهم ويتعين أن تقوم الشبهة لدى رجل الجمارك نفسه لا مجرد تلقي نبأها لدى الغير وليس لدى رجال الجمارك.

وواضح من هذين النصين أن المشرع لم يشترط في التفتيش الجمركي شرط الشبهة إذا ما تم داخل الدائرة الجمركية، بينما تطلب المشرع شرط الشبهة القوية إذا ما تم التفتيش داخل نطاق الرقابة الجمركية.

كما نصت المادة ٢٣ من القرار بقانون رقم ٣٦٣ لسنة ١٩٥٦ بتنظيم تحصيل رسم الإنتاج أو الاستهلاك على الكحول – على أنه يجوز لموظفي مصلحة الجمارك وغيرهم من الموظفين الذين يعينهم وزير المالية والاقتصادية ولسائر مأموري الضبط القضائي في حالة الاشتباه تفتيش ا مصنع او معمل او محل أو مسكن أو غير ذلك لضبط أية عملية تحري خفية من العمليات المنصوص عليها في المادتين ٥و٦ من ذلك القرار بقانون.

ورغم التفرقة التي أقامها المشرع بين التفتيش داخل الدائرة الجمركية والتفتيش في نطاق الرقابة الجمركية من حيث اشتراط قيام الشبهة في الحالة الثانية دون الأولى – فقد استقرت أحكام محكمة النقض على المساواة بين الحالتين في اشتراط قيام الشبهة على التهريب.

وقد عرفت محكمة النقض الشبهة بأنها حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط هم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب عند شخص موجود في حدود دائرة المراقبة الجمركية، وتقدير ذلك منوط بالقائم على التفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع. وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن تفتيش الأمتعة والأشخاص الذين يدخلون إلى الدائرة الجمركية أو يخرجون منها أو يمرون بها هو ضرب من الكشف عن أفعال التهريب استهدف به الشارع صالح الخزانة.

وقد حسمت محكمة النقض الأمر في حكم لها في أول يونية سنة ١٩٨٣ سجلت فيه مبدأ قانونيا مهما مقتضاه التحلل من شرط قيام الشبهة بالنسبة إلى التفتيش داخل دائرة الجمرك إذ اعتبرت أن ما تجريه سلطات الجمارك من معاينة البضائع وأمتعة المسافرين ،،،

إنما هو نوع من التقصي والبحث لأغراض اقتصادية ومالية تتعلق بالصحة والوقاية العامة تصغيا منه الشارع تحصيل ما قد يتسحج على تلك البضائع والأمتعة من رسوم للخزانة العامة، أو منع دخول أو خروج ما هو محظور استيراده أو تصديره أو ما يكون غير مستوف للشروط والأوضاع والأنظمة المقررة في القوانين أو ما يكون ضارا، وأنه تجريه دون توقف على رضاء ذوي الشأن أو توافر مظاهر الاشتباه فيهم.

وقد قضت محكمة النقض أن الشارع منح موظفي الجمارك الذي أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا قامت لديهم دواعي الشك في البضاعة والأمتعة ومظنة التهرب فيمن يوجد بداخل تلك المناطق ،،،

وأن الشارع بالنظر إلى طبيعة التهرب الجمركي وصلته المباشرة بمصالح الخزانة العامة ومواردها ومدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له.

ويتفق هذا الحكم مع ما قضت به محكمة النقض من أن قيام سلطات الجمارك بمعاينة البضائع وأمتعة المسافرين هو تفتيش إداري يخرج من نطاق التفتيش المحدد في الدستور، ولهذا قصر قانون الجمارك إجراء التفتيش الإداري على موظفي الجمارك.

وإذ كان هذا التفتيش عملا صحيحا في القانون فإنه إذا عثر رجال الجمارك عرضا في أثناء التفتيش الذي يجرونه في حدود سلطتهم على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل أمام القضاء بحسب أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته، كما أن ضبطه يولد حالة تلبس مشروعة.

ولا يجوز أن يتعسف القائم بالتفتيش الجمركي فيتجاوز في بحثه الهدف الإداري المسموح به قانونا. كما لا يجوز المأمور الضبط القضائي بالتفتيش الجمركي ما لم يكن من رجال الجمارك وفي حدود اختصاصه لأن التفتيش الجمركي ليس من إجراءات التحقيق أو الاستدلال، بل هو كما قالت محكمة النقض تفتيش من نوع خاص لا يتقيد بقيود القبض والتفتيش المنظمة

بأحكام قانون الإجراءات الجنائية بقصد منع التهريب، فإذا أجرى التفتيش ضابط غير موظفي الجمارك فهو غير جائز. وإذا صاحب رجل الجمارك ضابط مباحث الميناء فيجب أن يقوم بالتفتيش بنفسه، ولا محل لتعييب الحكم بسبب اصطحابه له طالما كان يعمل تحت إشرافه.هل يجوز دخول المنازل لغير التفتيش

هل يجوز دخول المنازل لغير التفتيش

أجازت المادة ٤٥ إجراءات لرجال السلطة العامة دخول المنازل في حالة طلب المساعدة من الداخل أو حالة الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك. ولا تبدو دقة المشكلة إلا إذا كان دخول المنازل بغير رضاء أصحابهما لاعتبارات تتعلق بالأمن العام أو في حالة طلب المساعدة من الداخل أو في حالة الحريق أو ما شابه ذلك من حالات الضرورة عموما،،،،

وفي هذه الحالة فإن دخول المنازل يكون مشروعا لأنه لا يهدف إلى ضبط أحد أدلة الجريمة، ومن ثم فهو ليس عملا إجرائيا. ومن حيث قانون العقوبات، فإن حالة الضرورة تكون متوافرة ما يجوز معه التضحية بإحدى المصالح في سبيل حماية مصلحة أخرى يهددها خطر حال أجدر بالحماية، ومن ثم فإنه يعد عملا مشروعا  وقد قضت محكمة النقض أنه يجوز لمأمور الضبط القضائي دخول المنازل بقصد تعقب شخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه من الجهة المختصة، وذلك بناء على حالة الضرورة.

ويلاحظ أن دخول المنزل بقصد تعقب أحد الأشخاص والقبض عليه بداخله لا بعد تفتيشا لهذا المنزل، وإن كان يتساوى مع التفتيش في المساس بحرمة الحياة الخاصة لصاحب المنزل.

فهو محض دخول للمنزل بقصد تنفيذ أمر القبض عليه ولكن ذلك لا يحول دون وجوب أن يكون هذا العمل مشروعا. ويتحدد عدم المشروعية بالنسبة إلى صاحب المنزل وحده، فإذا ترتب على الدخول غير المشروع للمنزل ضبط جريمة في حالة تلبس بطل القبض والتفتيش المترتبين على هذه الحالة. أما المتهم الهارب، فإن القبض عليه وتفتيشه يعد صحيحا لأنه لا يتأثر بدخول منزل غير متعلق به.

الرضاء بالتفتيش

يقوم التفتيش على حقيقة مهمة هي كشف الحقيقة في المكان الذي أودع فيه الشخص أسرار حياته الخاصة. ويقتضي الأمر أن يكون الشخص المراد تفتيشه قد أحاط بالسرية أشياء معينة يحوزها بشخصه أو في مكانه الخاص واحتراما لهذه السرية أحاط القانون تفتيش بحال حفظ السر بضمانات معينة تكفل احترام حق الشخص في حياته الخاصة وفي ،أسرارها ولكنه إذا رفع هذه السرية برضائه الحر فإن التفتيش يفقد حقيقته وهي الحالة مجرد اطلاع عادي لا يخضع للضمانات التي يكفلها القانون في التفتيش كشف الحقيقة في محال السر،

ويصبح في هذه والهدف منه، ومن الخطأ في هذه الحالة أن يقال إن التفتيش كان باطلا صححه رضاء المتهم، لأنه لم يحدث أي بطلان أصلا، بل إن هذا الرضاء قد حول التفتيش إلى عمل آخر هو الاطلاع على الأشياء أو المعاينة، مما لا محل معه للادعاء بالبطلان، أو كما قالت محكمة النقض أن رضاء المتهم بالتفتيش الباطل الواقع عليه يعصمه من البطلان وقضت أن مجرد ما يبدو على الشخص من مظاهر الحيرة والارتباك ليس من الدلائل الكافية على وجود اتهام يبرر القبض عليـــه وتفتيشه، فإن أمره الضابط بإخراج ما يخفيه بملابسه ففعل ذلك فإنه يعد نوعا من التفتيش لا يصح أن يوصف بأنه برضاء الشخص.

ويشترط لصحة هذا الرضاء أن يكون صريحا وثابتا على وجه قاطع، وأن ينصرف إلى كل ما يحجب السرية بحيث يكون الأمر كله في متناول المكلفين بالتفتيش، فتصبح مهمتهم هي الاطلاع لا. التفتيش وننبه إلى أن هذا الرضاء يجب أن يتناول السماح بضبط الأشياء التي تفيد في كشف الحقيقة وإلا كان فاسدا.

ومع ذلك، فإنه إذا اقتصر الرضاء على مجرد الاطلاع فقط، فإنه يجوز لمأمور الضبط القضائي من تلقاء نفسه ضبط ما يعد حيازته جريمة بناء على حالة التلبس وفي هذه الحالة يكون التلبس وليد عمل مشروع هو الاطلاع وقد قضت محكمة النقض أنه متي  كان دخول الضابط كشخص عادي مع المرشد السري – الذي سبق تردده على المتهم – في مسكن الأخير قد تم بناء على الدر كان دخول الضابط كشخص عادي مع المرشد المتهم بالدخول ثم وقع القبض على المتهم وتفتيشه بناء على تلبسه بجناية بيع المخدر،،،،

وذلك بتمام التعاقد الذي تظاهر فيه الضابط بشراء كمية من المخدر من المتهم، فلا بطلان. والمشكلة الحقيقية هنا تكمن في مدى تحريض الضابط للمتهم على ارتكاب الجريمة، وهو ما لا يتوافر إذا كان المتهم مستعدا لبيع المخدر مع أي شخص كان.

وإذا لم يكن الشخص المراد تفتيش منزله موجودا فلا يعتد إلا برضاء حائزه الذي يقوم مقامه في غيبته كالزوجة، والوالدين، وأفراد الأسرة. بخلاف الخدم، فإن يدهم عارضة على المكان، فإذا كان الزوج حاضرا فلا يعتد برضاء زوجته، لأنه صدر ممن لا يملك. وإذا كانت في المنزل أشياء مغلقة فإنه يتعين بشأنها صدور الرضاء ممن يحوزها عالما ما بها بشرط أن يكون له الحق في فتحها.

وقد قضت محكمة النقض أن صفة الأخوة وحدها لا توفر صفة الحيازة فعلا أو حكما لأخ الحائز ولا تجعل له سلطانا على متجر شقيقه، ولا تخوله أن يأذن بدخوله للغير. وإذا كان الشقيق قد كلف بمراقبة المتجر لفترة مؤقتة، فإن واجب الرقابة التي كلف ها يقتضيه المحافظة على حقوق شقيقه وأولها المحافظة على حرمة متجره المستمدة من حرمة شخصه، فإن خالف ذلك أو أذن للغير بالدخول فإن الإذن يكون قد صدر ممن لا يملكه.

 محل التفتيش

يقع التفتيش مساسا بحق الإنسان في المحافظة على أسراره سواء تلك التي يودعها في شخصه أو مسكنه أو في مكان آخر. فلا ينصرف التفتيش إلى الاشياء المعلنة التي يمكن للكافة الاطلاع عليها. وتتعدد المجالات التي يودع فيها الإنسان أسرار حياته الخاصة، ومن أهمها الشخص والمكان الخاص، وكل منهما يصلح محلا لكي يرد عليه التفتيش.

ووفقا لما قضت به محكمة النقض، فإن الإذن بتفتيش الشخص أو مسكنه يشمل بالضرورة ما يكون متصلا به فحرمة الحديقة مثلا مستتمة من اتصالها بشخص صاحبها أو مسكنه. ومن ثم فإن أمر النيابة العامة بتفتيش أحدهما يشمل بالضرورة ما يكون متصلا به.

 أولا: الشخص

يقصد بالشخص كمحل قابل للتفتيش كل ما يتعلق بكيانه المادي وما يتصل به، ويشمل هذا الكيان المادي أعضاءه الخارجية والداخلية. ويتصل هذا الكيان ما يرتديه به من ملابس أو يحمله من أمتعة أو أشياء منقولة سواء في يديه أو في جيبه، أو ما يستعمله مثل مكتبه الخاص وسيارته الخاصة.

ولا صعوبة بالنسبة إلى الأعضاء الخارجية للإنسان كاليدين والقدمين، أما أعضاؤه الداخلية فمثالها دمه ومعدته فيمكن تفتيشها عن طريق غسل المعدة لتحليل محتوياتها، وعن طريق أخذ عينة من الدم لمعرفة نسبة ما به من كحول.

ويعد تفتيش الشخص مساسا بأسرار حياته الخاصة بما لا يمس كرامته الإنسانية في ذات الوقت وعدم المساس بكرامة الشخص يوجب عدم التعسف في تنفيذ التفتيش وألا تفتش أنثى سوى أنثى مثلها، كما سنبين فيما بعد. ويتطلب التفتيش داخل جسم الإنسان (كما في المعدة وتحت الجلد والدم) ألا ينفذه غير طبيب بشري حرصا على حياة الشخص وسلامة جسمه وحماية لكرامته.

 ثانيا: المسكن والمكان الخاص

للإنسان حق في حرمة مسكنه بوصفه محالا من مجالات حياته الخاصة، فلا قيمة لحرمة الحياة الخاصة ما لم تمتد إلى مسكنه الذي يهدأ فيه لنفسه ويحيا فيه لشخصه ويودع فيه أسراره. فبدون حرمة المسكن تكون الحياة الخاصة مهددة غير آمنة.

وحرمة المسكن ضمان دستوري في عدد كبير من الدول، وقد كفلها الدستور المصري الصادر سنة ۱۹۷۱، صراحة، إذ نص في المادة ٤٤ على أن للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقا لأحكام القانون. وأكد دستور سنة ۲۰۱٤ هذا المعنى وأعاد صياغته بصورة تكفل المزيد من الضمانات إذ نصت المادة ٥٨ من هذا الدستور على أن للمنازل حرمة،

وفيما عدا حالات الخطر أو الاستغاثة لا يجوز دخولها ولا تفتيشها ولا مراقبتها أو التصنت عليها إلا بأمر قضائي مسبب، يحدد المكان والتوقيت والغرض منه، وذلك كله في الأحوال المبينة في القانون، وبالكيفية التي ينص عليها، ويجب تنبيه من في المنازل عند دخولها أو تفتيشها، واطلاعهم على الأوامر الصادرة في هذا الشأن.

ولما كانت حرمة المسكن تستمد من حرمة الحياة الخاصة لصاحبه، فإن مدلول المسكن يتحدد في ضوء ارتباط المسكن بحياة صاحبه الخاصة.

فهو كــل مكان خاص يقيم فيه الشخص بصفة دائمة أو مؤقتة. وبناء على ذلك ينصرف المسكن إلى توابعه كالحديقة وحظيرة الدواجن والمخزن، ويمتد إلى الأماكن الخاصة التي يقيم فيها ولو لفترة محدودة من اليوم مثل عيادة الطبيب ومكتب المحامي، فهذه الأماكن لا تفتح للجمهور بغير تمييز وإنما يدخلها من يأذن لهم صاحبها، ولهذا فإنها تتصل بالحياة الخاصة لصاحبها ولا يقدح في ذلك ممارسة المهنة في هذه الأماكن، مادامت مباشرته لها في مكان خاص.

وهناك أماكن خاصة (كالمتجر عند إغلاقه) ترتبط بشخص صاحبها، وقد يودع فيها بعض أسرار حياته الخاصة فينام فيها ليلا، ولهذا فإنها تأخذ في هذه الحالة حكم المسكن. وهو قياس جائز بحسب أن حرمة الحياة الخاصة أصل عام يستند إلى حرية الإنسان.

وقد قضت محكمة النقض أن حق مأمور الضبط القضائي في دخول الأماكن العامة لا يتناول ما كان منها سكنا، ولا يشمل من حيث الزمان إلا أوقات العمل دون الأوقات التي تغلق فيها.

وتتوقف حرمة المسكن بمدلوله الواسع والسابق تحديده – على استمرار خصوصيته، فالعبرة في تحديد المكان الخاص هي بحقيقة الواقع، فإذا أزال صاحب المسكن هذه الخصوصية وسمح للغير بغير تمييز بالتردد على هذا المكان انحسر عنه وصف المكان الخاص وارتفعت الحرمة التي أضفاها القانون.

وتتوافر حرمة المسكن بغض النظر عن الطبيعة القانونية لصاحبه، فيستوي أن يكون مالكا للمسكن أو منتفعا به أو مستأجرا له ويسري الحكم نفسه على مستأجر حجرة خاصة في فندق، فهي تعد سكنه الخاص.

ويتمثل مضمون حرمة المسكن في حق صاحبه في منع الغير من دخوله للاطلاع على أسرار حياته الخاصة. ولا يشترط في هذه الأسرار أن تكون من طبيعة معينة بل تمتد إلى كل ما يتعلق بخصوصياته التي يريد أن يمارسها في بيته بعيدا عن المجتمع، سواء أكانت مما يحرمه القانون أو يعاقب عليه أم لا، ولا شك في أن مجرد دخول المسكن بغير إذن صاحبه ينطوي على انتهاك لهذه الخصوصية لأنه يمكن المعتدي من الاطلاع على أسرار الحياة الخاصة.

ويتمتع بحرمة المسكن جميع المقيمين فيه سواء صاحب المسكن أو أفراد أسرته أو توابعه أو ضيوفه المقيمون معه بصفة مؤقتة.

ولا يجوز المساس بحرمة المسكن إلا برضاه صاحبه، وفي هذه الحالة لا يمتد الرضاء إلى حرمة شخص كل من المقيمين معه، وإذا غاب صاحب المسكن يعند مرضاه من ينوب عنه في غينه وفقا لما جرى عليه العمل في إطار العرف ويجوز الصاحب المسكن أن يأذن بدخوله في غيبته بشرط ألا يتعارض ذلك مع حق حائر المسكن في حرمته.

وإذا كان صاحب المسكن يؤجر للمقيمين معه غرفا مستقلة، فإن كل غرفة تعد مسكنا بذاته، فلا يجوز انتهاك حرمته إلا برضاء صاحبه وإذا تبين أن المنزل المأذون بتفتيشه مشترك بين المتهم وغيره على سبيل الشيوع دون أن يكون للمتهم مكانا مفرزا داخل المنزل فيصح تنفيذ الإذن الصادر باسم المتهم على المنزل كله إذا اعتبر حائزا للمنزل بغض النظر عن الملكية المشتركة ،،،

ويجب مراعاة مضمون الإذن بدخول المسكن وهل صدر من صاحبه بوصفه حائزا له أم بوصفه صاحبا له فالإذن الصادر من الحائز لا يخول لمن يدخل المسكن غير مجرد الدخول أو الانتفاع به على نحو معين، أما الإذن الصادر من صاحب المسكن بوصفه مالكا حرمته – فإنه يمس الحق في الحرمة. وهكذا، فإن مجرد الاذن بدخول المسكن لا يفيد على إطلاقه السماح بانتهاك حرمته، ما لم يثبت ذلك بوضوح.

ولا تسري حرمة الأماكن الخاصة على المزارع والحقول غير المتصلة بالمساكن، ولا على جسر النيل.

 حكم تفتيش السيارة الخاصة

ترتبط السيارة بشخص صاحبها أو حائزها، فهي لا تعد في حكم المنزل، وهو ما أكدته محكمة النقض الفرنسية، فقضت أن تفتيش حقيبة السيارة الخاصة لا يأخذ طابع تفتيش المنازل، ومن ثم لا يلتزم بقيوده. وقد قضت محكمة النقض المصرية أن حرمة السيارة الخاصة مستمدة من اتصالها بشخص صاحبها أو حائزها،

وقضت أيضا أن الأمر بتفتيش الشخص يشمل بالضرورة ما يكون متصلا به والسيارة الخاصة كذلك. كما قضت أن السيارة الخاصة التي تترك خالية في الطريق العام ويفيد ظاهر الحال أن صاحبها قد تخلى عنها، وكذلك الحال بالنسبة السيارة المعدة للإيجار أثناء وقوفها.

فإذا لم تتوافر شروط تفتيش الشخص ولم تتوافر قانونا حالة التلبس لا يجوز تفتيش السيارة الخاصة إلا برضاء صاحبها أو حائزها، وفي هذه الحالة يجب التحقق من توافر حالة التلبس بناء على أسباب مشروعة وأنها لم تكن من اختلاق مأمور الضبط القضائي. فالقيود الواردة على حق رجال الضبط القضائي في إجراء القبض والتفتيش تنصرف إلى السيارات الخاصة دون سيارات النقل.

ما يشترط في محل التفتيش

يشترط في محل التفتيش أن يكون محددا أو قابلا للتحديد، وأن يكون مشروعا. ولا يشترط في سبيل هذا التحديد أن يذكر اسم الشخص أو صاحب المسكن، بل يكفي قابليته للتحديد عن طريق الظروف المحيطة بأمر التفتيش. والأمر بالتفتيش العام لمجموعة غير محدودة من المنازل والأشخاص هو أمر باطل لعدم تحديد محله.

ومتى صدر أمر التفتيش محددا فيحب الاقتصار على من صدر بشأنه هذا الأمر دون من يوجد معه ما لم تتوافر في حقه حالة التلبس أو الدلائل الكافية التي تبرر لمأمور الضبط من تلقاء نفسه تفتيش الشخص أو توافرت قرائن قوية تفيد أن هذا الغير يخفي معه شيئا يفيد في كشف الحقيقة (المادة ٤٩ إجراءات).

 هل يجوز تفتيش الأماكن الدبلوماسية والقنصلية

نصت اتفاقية فيينا بشأن العلاقات الدولية في المادة ٢٢/١ على أن أماكن البعثة الدبلوماسية مصونة، ونصت في الماد٢٢/٣أن هذه الأماكن لا يجوز أن تكون محلا لأي تفتيش وتمتد هذه الحصانة بمقتضى المادة ٣٠ من الاتفاقية إلى المسكن الخاص للعضو الدبلوماسي، وتسمح المادة ٢٢/١ من الاتفاقية لرجال الدولة المرخص لهم بذلك أن يدخلوا أماكن البعثة الدبلوماسية موافقة رئيسها.

كما كفلت المادة٢٢/١من اتفاقية فينا التي عقدت في ٢٤ إبريل سنة ١٩٦٣ حول العلاقات القنصلية على حصانة الأماكن القنصلية، لكن هذه الحماية لا تشمل إلا الأماكن التي يشغلها مكتب القنصلية فقط لاحتياجات العمل المادة ٣١/٢من الاتفاقية).

وعلى ذلك، فإن المسكن الشخصي للقناصل بما في ذلك رئيس البعثة القنصلية لا يتمتع بهذه الحصانة. ويجوز لسلطات دولة المقر أن يدخلوا الأماكن القنصلية بموافقة رئيس المكتب القنصلي والشخص الذي يعينه لذلك أو موافقة رئيس البعثة الدبلوماسية المادة٣١/٢من الاتفاقية).

تفتيش الصحفى 

نصت المادة ٤٣/١ من قانون تنظيم الصحافة رقم ٩٦ لسنة ١٩٩٦ علـى عدم جواز التحقيق مع الصحفي بسبب جريمة من الجرائم التي تقع بواسطة الصحف أو تفتيش مقر عمله لهذا السبب إلا بواسطة أحد اعضاء النيابة ومؤدى هذا النص أنه لا يجوز انتداب مأمور الضبط القضائي للتحقيق طبقا للمادتين ٧٠ و٢٠٠ من قانون الإجراءات الجنائية، بما في ذلك تفتيش الصحفي وتفتيش مقر عمله، بل يجب أن يتولى ذلك بنفسه أحد أعضاء النيابة.

فإذا تولى التحقيق قاضي التحقيق طبقا للمادة ٦٤ أو ٦٥ إجراءات – نولى بنفسه التحقيق مع الصحفي. ورغم أنه طبقا للمادة ۱۷۰ إجراءات يجوز لقاضي التحقيق أن يكلف أحد أعضاء النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي لأداء عمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق عدا استجواب المتهم – لكن إعمالا لحكم المادة ٤٣/١ من قانون تنظيم الصحافة، لا يجوز لقاضي التحقيق أن ينتدب إلا أحد أعضاء النيابة للتحقيق مع الصحفي ولا يجوز له انتداب أحد مأموري الضبط القضائي.

ويجب أن يكون أمر القاضي بالتفتيش مكتوبا ومسببا، ولا يجوز لغير القاضي ولصاحب المسكن الذي تم تفتيشه الاطلاع على المستندات والأشياء المضبوطة.

ولا يجوز ضبط إلا ما يتعلق بالجرائم الواردة في أمر التفتيش.

ويترتب البطلان على مخالفة الضمانات الواردة في هذه المادة، التي احتوت على ضمانات أخرى بالإضافة إلى الضمان القضائي للقائم بالتفتيش

تفتيش المحامي

نصت المادة ٥١ من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم ١٧ لسنة ١٩٨٣ على أنه لا يجوز التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة ويجب على النيابة العامة أن تخطر مجلس النقابة العامة أو مجلس النقابة الفرعية إذا كان محاميا متهما بجناية أو جنحة خاصة بعمله، وأن يحضر هو أو من ينيبه من المحامين التحقيق. والمجلس النقابة العامة والمجلس النقابة الفرعية طلب صور التحقيق بغير رسوم.

وطبقا للماد ٩٦ من قانون الإجراءات الجنائية لا يجوز لقاضي التحقيق أن يضبط لدى المدافع عن المتهم أو الخبير الاستشاري الأوراق والمستندات التي سلمها المتهم لهما لأداء المهمة التي عهد بها إليهما ولا المراسلات المتبادلة بينهما في القضية.

ويطلع قاضي التحقيق وحده على الخطابات والرسائل والأوراق الأخرى المضبوطة، على أن يتم هذا إذا أمكن بحضور المتهم والحائز لها أو المرسلة إليه وبدون ملاحظاتهم عليها (المادة٩٧/١إجراءات)، وهو ما يسري على النيابة العامة طبقا للمادة ۱۹۹ إجراءات.

ولا شك في أن هذا الضمان جاء لحماية حق الدفاع ومهنة القائم به، وأن المحامي ملتزم بعدم إفشاء كل ما يتعلق بسر مهنته ويقتضي احترام هذا السر ألا يجيز القانون الاطلاع عليه عن طريق التفتيش، مثل خطاب يعترف فيه المتهم لمحاميه بارتكاب الجريمة أو يذكر فيه بعض الوقائع التي تفيد في إثبات التهمة ضده.

ويشمل هذا الحظر كلا من تفتيش الشخص والمعول (المكتب) والمراسلات كما يسري على الأحاديث الشخصية بين المتهم ومحاميه، فلا تجوز مراقبة تليفون المحامي من أجل ضبط محادثاته مع المتهم أو وضع آلة تسجيل في مكتب المحامي لتسجيل حديثه مع المتهم. لكن هذا الحظر محدود بغايته، وهو حماية حق الدفاع، فلا يسري على ما يتلقاه من مراسلات من غير المتهم بوصفه صديقا لا محاميا. وتقدير ما يتعلق بحق الدفاع يتوقف على حقيقة الواقع لا على ما يقوله المحامي.

وإذا كان المحامي أو الخبير الاستشاري قد حاز أشياء مما تعد حيازته حريمة، فإنه بعد متهما بجريمة ويجوز تفتيشه على هذا الأساس ولو أدى هذا التفتيش بالصدفة إلى ضبط ما يتعلق بدفاع موكله لأن تفتيشه في هذه الحالة بوصفه منهما لا محاميا دون إخلال بالضمان الذي قرره قانون المحاماة بألا يتم تفتيش مكتب المحامي إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة.

أسباب التفتيش

يشترط في التفتيش أن يستند إلى سببين

1- اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة.

2- ضبط ما يفيد في كشف الحقيقة.

أولا: اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة

يفترض التفتيش بوصفه إجراء من إجراءات التحقيق – عدم مباشرته إلا إذا وقعت جناية أو جنحة، وتوافرت دلائل كافية على نسبتها إلى شخص معين مما يكفي لاتهامه بارتكابها.

أ- والأصل أن الاتهام بارتكاب جناية أو جنحة يجب أن يكون بواسطة تحريك الدعوى الجنائية، لكنه لا يوجد ما يحول دون أن يكون التفتيش هو أول إجراء في الدعوى لتحريكها وتحقيقها في آن واحد بوصفه من إجراءات التحقيق. وكل ما يشترط للاتهام الذي يبرر الإذن بالتفتيش سواء اتصل بشخص أو أجري في مسكنه أن يكون مأمور الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة جناية أو جنحة قد وقعت من شخص معين،

وأن تكون هناك من الدلائل الكافية ضد هذا الشخص القدر الذي يبرر تفتيشه، مما مقتضاه أن التفتيش لا يجوز للكشف عن الجريمة، أو من أجل ضبط جريمة مستقبلية.

وغني عن البيان أنه يشترط في إجراءات الاستدلال التي بني عليها التفتيش أن تكون مشروعة، فإذا لم تكن كذلك كان التفتيش باطلا.

وتمارس محكمة الموضوع إشرافها على التحقيق من جديــة مــا تفيده الاستدلالات من دلائل معقولة تكفي لترجيح وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم. لكنها تلتزم بالرد على الدفع ببطلان التفتيش بسبب عدم جدية التحريات ردا سائغا في العقل والمنطق.

ووفقا لقضاء محكمة النقض فإن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بالتفتيش موكول إلى سلطة التحقيق التي أصدرته تحت رقابة محكمة الموضوع. ورد المحكمة على هذا الدفع بعدم جدية التحريات أمر موضوعي لا يخضع لرقابة محكمة النقض، مادام ردها سائغا في حدود سلطتها الموضوعية وهذه الرقابة هي للتأكد من أن التفتيش كان لضبط أحد أدلة الجريمة لا لكشف الجريمة.

وتمكينا لمحكمة النقض منه هذه الرقابة وجب لي محكمة للموضوع الرد على الدفع بعدم جدية التحريات وإلا كان الحكم باطلا.

من وتقتصر محكمة النقض – بحكم رقابتها على أحكام محكمة الموضوع – علـــى التأكد. سلامة تسبيب الحكم، فيكون من سلطتها أن تنقض الحكم إذا لم يرد على الدفع ببطلان التفتيش لعدم جدية التحريات، أو إذا كان رد محكمة الموضوع على الدفع مجافيا للعقل والمنطق وقد ذهبت محكمة النقض إلى أن إغفال اسم المطلوب تفتيشه أو الخطأ فيه لا يبطل التفتيش مادامت المحكمة قد اقتنعت بجدية التحريات وبأن الشخص الذي حصل تفتيشه هو المقصود بأمر التفتيش. وقضت أنه لا يعيب إذن التفتيش عدم تعيينه مكانا يجري التفتيش في نطاقه.

(ب) ولما كان التفتيش يهدف لضبط أحد أدلة الجريمة لا لكشف الجريمة، فيجب أن يكون التفتيش من أجل جريمة وقعت فعلا فلا يجوز اتخاذه لضبط حريمة مستقبلة، ولو دلت التحريات على أنها ستقع حتما. فمثلا، إذا أثبتت التحريات أن شخصا سوف يتجر في المواد المخدرة وأنه يستسلم كمية منها في يوم معين، فصدر أمر من النيابة لضبطه وتفتيشه عند تسلمه هذه المخدرات،،،،

فإن هذا الأمر يقع باطلا لأنه صدر من أجل جريمة مستقبلة ، ما لم يثبت أن هذا الشخص اتجر في المخدرات وأن واقعة تسليم المخدرات هي جزء من سلسلة عمليات الإتجار التي يقوم بها على أنه في هذا المثال إذا كان مأمور الضبط القضائي لم يفتش المتهم إلا بعد أن رأى المتهم يتسلم المخدرات – فإنه يكون قد شاهد الجريمة في حالة تلبس، مما يبرر له تفتيشه بناء على هذه الحالة وحدها.

ولكن لا يشترط في الأشياء المضبوطة أن تكون في حوزة المتهم وقت صدور أمر التفتيش إذا كانت حيازتها لیست ركنا في الجريمة. مثال ذلك إذا وقعت جريمة الرشوة بمجرد الطلب أو القبول من الموظف العام، فإنه يجوز تفتيشه بعد ذلك لضبط مبلغ الرشوة الذي تسلمه تنفيذا لهذه الجريمة.

وقد قضت محكمة النقض أن اشتراط الإذن لإجراء التفتيش والضبط حال وجود مخالفة للقانون لا يجعل الإذن معلقا على شرط ولا لضبط حريمة مستقبلة.

ويشترط في الجريمة موضوع التحقيق أن تكون جناية أو جنحة، أما المخالفات فلا يجوز بشأنها هذا التفتيش. والعبرة بوصف التهمة هي بما يجري التحقيق بشأنه دون ما يسفر عنه في نهايته، فإذا اتضح بعد التحقيق أن الواقعة مخالفة فإن ذلك لا يبطل التفتيش الذي تم صحيح

هل يجوز دخول المنازل لغير التفتيش

 ثانيا: ضبط ما يفيد في كشف الحقيقة

يهدف التفتيش – بوصفه من إجراء التحقيق – إلى كشف الحقيقة وليس دون ذلك من الأغراض الإدارية أو الوقائية. وقد أشارت المادة ٩١/٢إجراءات إلى هذا الغرض حين أجازت تفتيش الأماكن لضبط كل ما يفيد في كشف الحقيقة. والمراد بكشف الحقيقة في هذا الصدد هو حيازة شيء مفيد لتحقيق الجريمة التي صدر إذن التفتيش من أجلها ويستوي في ذلك أن يكون هذا الشيء في حيازة الشخص أو منزله أو أن يكون هذا الشخص منهما أو لا،

كل ما هنالك أنه إذا كان الشخص غير متهم فإن تفتيشه هو أو منزله يخضع لأحكام خاصة. ولا يعد تفتيشا البحث عن الدليل للكشف عن الجريمة، لأنه بوصفه إجراء من إجراءات التحقيق يفترض أن تكون الجريمة قد وقعت فعلا ودخلت الدعوى على حوزة سلطة التحقيق. ومن ثم فإن التفتيش هو إجراء لضبط أحد أدلة الجريمة التي يجري تحقيقها.

وكذلك، فإن مجرد القبض على المتهم في حالة تلبس وإن كان يجيز لمأمور الضبط القضائي في هذه الحالة تفتيش الشخص إلا أن هذا التفتيش مشروط بأن يكون بحثا عن أدلة الجريمة المتلبس بها.

ولا يكفي مجرد الاتهام بالجريمة لتبرير التفتيش ما لم تكن هناك فائدة مرجوة من ضبط أدلة تفيد التحقيق. ويستوي في هذه الأدلة أن تكون لإثبات التهمة أو لنفيها. فإذا صدر أمر التفتيش لأسباب لا علاقة لها بالجريمة التي يجري تحقيقها كان التفتيش باطلا. مثال ذلك تفتيش منزل المتهم لضبط أمواله من أجل تمكين المجني عليه من الحجز عليه والحصول على التعويض الذي عسى أن يحكم به له.

وهذا الشرط يتميز التفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق عن الأعمال الأخرى المشابهة له كالتفتيش الإداري والتفتيش الوقائي ودخول المحلات العامة ودخول المنازل لغير التفتيش.

ويتطلب هذا الشرط توافر دلائل كافية على أن الشخص أو المكان الخاص المراد تفتيشه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة أو تفيد في كشف الحقيقة. وقد عبر القانون عن هذه الدلائل الكافية (بالقرائن) بالنسبة إلى التفتيش الذي يجريه قاضي التحقيق أو النيابة العامة للأماكن الخاصة (المادة ٩١ إجراءات) بـ (الأمارات القوية) بالنسبة إلى التفتيش الذي يجريه كل منهما للشخص (المادة ٤٩ إجراءات).

السلطات المختصة بالتفتيش

لما كان كشف الحقيقة ليس وحده كافيا للمساس بحرية الشخص المراد تفتيشه أو تفتيش مسكنه، بل يتعين إحاطة هذا الهدف بضمانات تكفل التوازن بين تحقيقه واحترام حرية الأشخاص وحرمات مساكنهم، لأن الأصل في المتهم البراءة وتتمثل هذه الضمانات في شروطه الشكلية والسلطات المختصة بالتفتيش وتتمثل في سلطة التحقيق الابتدائي وسلطة الضبط القضائي

 1-سلطة التحقيق الابتدائي

يحق للنيابة العامة ولقاضي التحقيق تفتيش شخص المتهم أو مكانه الخاص متى توافر السبب المبرر للتفتيش على النحو الذي بيناه فيما تقدم. ولا يتقيد أي منهما بحالة معينة، بل يكفي مجرد اتهام المتهم بارتكاب جناية أو جنحة، وأن تتوافر دلائل كافية على وجود أشياء تفيد في كشف الحقيقة سواء في شخصه أو في مكانه الخاص (المادتان ٩١ و٩٤ إجراءات).

ويتميز قاضي التحقيق عن النيابة العامة في تفتيش غير المتهم، إذ يجوز لقاضي التحقيق دون النيابة العامة أن يفتش شخصا غير المتهم (المادة ٩٤) أو منزله، أي مكانه الخاص (المادة ۹۳) وذلك متى اتضح توافر دلائل قوية على أنه يخفي أشياء تفيد في كشف الحقيقة.

ويفترض لصحة هذا التفتيش وجود شخص آخر متهم بارتكاب الجريمة. أما النيابة العامة فإنها لا تملك بمفردها إجراء تفتيش غير المتهم سواء في شخصه أو في مكانه الخاص، بل يجب عليها لاتخاذ هذا الإجراء الحصول مقدما على أمر مسبب بذلك من القاضي الجزئي بعد اطلاعه على الأوراق.

ويعطى هذا الإذن للنيابة العامة لكي تتولي هي بنفسها أو بواسطة من تندبه من مأموري الضبط القضائي – إجراء التفتيش، فلا يجوز للقاضي إعطاء هذا الإذن مباشرة لمأمور الضبط بناء على طلبه ولو ندبته النيابة العامة بعد ذلك لإجراء التفتيش.

 2-سلطة الضبط القضائي

كان قانون الإجراءات الجنائية يخول مأمور الضبط القضائي حق تفتيش الشخص من تلقاء نفسه في الأحوال التي يجوز فيها القبض قانونا على المتهم، وهي توافر الدلائل الكافية على الاتهام وأحوال التلبس. ثم جاء الدستور المصري السابق الصادر سنة ۱۹۷۱ فنص في المادة ٤١ منه على أنه فيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه إلا بأمر القاضي المختص أو النيابة العامة.

وبناء على ذلك صدر القانون رقم ٣٧ لسنة ۱۹۷۲ بتعديل أحكام قانون الإجراءات الجنائية حتى تتفق مع مبادئ الدستور، وبمقتضى هذا القانون أصبحت سلطة مأمور الضبط القضائي في القبض على المتهم من تلقاء نفسه قاصرة على أحوال التلبس بالجنايات، أو الجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر (المادة ٤٣).

وقد جاء دستور سنة ۲۰۱٤ فأكد على استثناء حالة التلبس وحدها عند تقييد حرية أحد من اشتراط صدور أمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق. وهكذا تكون سلطة مأمور الضبط القضائي في تفتيش الأشخاص قاصرة على حالة التلبس وحدها.

كذلك كان مأمور الضبط يملك سلطة تفتيش الأماكن الخاصة من تلقاء نفسه في حالتين هما حالة التلبس بجناية أو جنحة المادة (٤٧) وحالة الأشخاص الموضوعين تحت مراقبة البوليس إذا وجدت أوجه قوية للاشتباه في أنهم ارتكبوا جناية أو جنحة (المادة (٤٨).

وقد جاء دستور سنة ۱۹۷۱ ونص في المادة ٤٤ منه على أنه لا يجوز دخول المساكن ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقا لأحكام القانون، ثم صدر القانون رقم ۳۷ لسنة ۱۹۷۲ بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية فحذف الحالة الثانية من حالتي تفتيش مأمور الضبط القضائي للأماكن الخاصة من تلقاء نفسه. أما تفتيش المساكن في حالة التلبس بجناية أو جنحة فقد ظلت باقية عملا بنص المادة ٤٧ إجراءات).

وكانت أحكام النقض قد تواترت على صحة هذا التفتيش، حتى صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في ٢ يونية سنة ١٩٨٤ وقضى بعدم دستوريته

واستندت قضائها إلى ذات الاعتبارات التي سبق أن نادينا بها من قبل، مقررة أنه قد تبين من المقابلة بين المادتين ٤١ و ٤٤ من الدستور أن المشرع الدستوري قد فرق في الحكم بين تفتيش الأشخاص وتفتيش المساكن فيما يتعلق بضرورة أن يكون التفتيش في الحالتين بأمر قضائي ممن له سلطة التحقيق أو من القاضي المختص، كضمانة أساسية لحصول التفتيش تحت إشراف مسبق من القضاء،

فقد استثنت المادة ٤١ من الدستور من هذه الضمانة حالة التلبس بالجريمة بالنسبة إلى القبض على الشخص وتفتيشه في حين أن المادة ٤٤ لم تستثن حالة التلبس من ضرورة الأمر القضائي المسبب ممن له سلطة التحقيق أو من القاضي المختص بتفتيش المساكن، فجاء نص المادة ٤٤ من الدستور عاما مطلقا لم يرد عليه ما يخضعه أو يقيده مما مؤداه أن هذا النص الدستوري يستلزم في جميع الأحوال لتفتيش المساكن صدور الأمر القضائي، وذلك صونا لحرمة المسكن، حتى في حالة التلبس بالجريمة.

وقد أشارت المحكمة الدستورية العليا في أسبابها إلى عدم جواز قياس تفتيش المساكن على القبض على الأشخاص وتفتيشهم، ذلك أن إجازة القبض على الأشخاص في حالة التلبس وتفتيشهم دون صدور أمر قضائي هو استثناء والاستثناء لا يقاس عليه. وجاء دستور ٢٠١٤ فأكد هذا المبدأ في المادة ٥٨.

هل يجوز دخول المنازل لغير التفتيش

 الشروط الشكلية للتفتيش والضبط

عدم اشتراط شكل معين لإذن التفتيش

وفقا لما استقر عليه قضاء محكمة النقض، فإن القانون لم يشترط شكلا معينا لإذن التفتيش ولم يوجب النص فيه على تحديد نطاق تنفيذه بدائرة الاختصاص المكاني لصدوره وكل ما يتطلبه القانون في هذا الصدد أن يكون الإذن واضحا ومحددا بالنسبة إلى تعيين الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها وأن يكون مدونا بخطه وموقعا عليه بإمضائه.

 تسبيب الأمر بتفتيش المسكن

لا يجوز دخول المساكن ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقا لأحكام القانون. وقد نصت المادة ٩١/٢ إجراءات بعد تعديلها بالقانون رقم ٣٧ لسنة ۱۹۷۲ على أنه في كل الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسببا، وهو ما أكده دستور سنة ٢٠١٤ في المادة ٥٨.

وهذا التسبيب ضمان لتوافر العناصر الواقعية التي يتوافر بها سبب التفتيش بالمعنى الذي حددناه فيما تقدم فهو على هذا النحو يضمن جدية اتخاذ الإجراء ويحول دون الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمواطنين دون موجب أو اقتضاء. وهو شرط وجوبي في الأمر بتفتيش المسكن دون تفتيش الشخص.

ولا يشترط أن تكون الأسباب مفصلة مسهبة، بل يكفي أن تكشف عن جدية الأمر وأنه صدر بناء على تمحيص للوقائع التي تبرر إصداره، وهو أمر يقدره المحقق تحت رقابة محكمة الموضوع. وقد قللت محكمة النقض من قيمة هذا الضمان حين اعتبرت مجرد إثبات إذن التفتيش على محضر التحريات كافيا لاعتبار صحة التفتيش تتوقف على تنفيذه بعد الإذن لا قبله فيجب أن يكون مؤرخا. وقد إذن التفتيش مسببا حسبما تطلبه القانون.

وغني عن البيان أن اشتراط تسبيب أمر التفتيش يعني ضمنا وجوب أن يكون هذا الأمر مكتوبا، وإن كان يمكن إبلاغه تليفونيا أو برقيا مادام للإذن المكتوب أصل بالأوراق. ونظرا لأن الإذن بالتفتيش يكون لمدة محددة ولأن قضي أنه لا يشترط أن يحرر كاتب التحقيق إذن التفتيش أو يوقع عليه.

وقد نصت المادة ٥٨ من دستور سنة ۲۰۱٤ على وجوب أن يحدد الأمر القضائي المسبب المكان والتوقيت والغرض منه، وذلك كله في الأحوال المبينة في القانون وبالكيفية التي ينص عليها. كما أوجبت تنبيه من في المنازل عند دخولها أو تفتيشها واطلاعهم على الأمر الصادر في هذا الشأن.

الحضور عند تفتيش المكان

استلزم القانون حضور بعض الأشخاص في أثناء التفتيش للتحقق من أن تلك الأشياء المضبوطة قد وجدت فعلا في المكان محل إذن التفتيش. ولكن محكمة النقض جرت على عدم حسبان هذا الحضور شرطا جوهريا لصحة التفتيش.

فقد نص القانون على أنه إذا تولى التفتيش سلطة التحقيق الابتدائي (قاضي التحقيق أو النيابة العامة) للمكان الخاص التابع للمتهم، وجب أن يحصل هذا التفتيش بحضوره، فإذا لم يتيسر ذلك لغياب المتهم أو لرفضه الحضور يكون التفتيش بحضور من ينيبه عنه إن أمكن ذلك (المادة٩٢/١إجراءات).

فإذا تعذرت هذه الإنابة سواء لرفض المتهم أو لغيابه وعدم إمكان الاتصال به مقدما قبل التفتيش حتى لا يضيع عنصر المفاجأة – أمكن لسلطة التحقيق إجراء التفتيش بدون حضور أحد. وخلافا لذلك ينص القانون الفرنسي على وجوب حضور شاهدين في هذه الحالة (المادتين ٥٧ و٩٥ إجراءات فرنسي)، وهو شرط يحقق ضمانا أكبر للمتهم.

ونرى أنه إذا حصل تفتيش المكان في غياب المتهم وكان حائز المكان موجودا به كالزوجة والأولاد البالغين يجب السماح بحضورهم كلهم أو بعضهم في أثناء التفتيش لأن اتخاذ هذا الإجراء لا يغمط حقهم في حيازة المكان وما ينتج عنه من حقهم في حرمته، هذا فضلا عن أن حرمة الحياة الخاصة يتمتع بها أعضاء الأسرة المقيمة في منزل واحد.

فإذا حصل التفتيش في منزل غير المتهم يدعى صاحبه للحضور بنفسه أو بواسطة من ينيبه عنه إن أمكن ذلك المادة (٩٢/٢ إجراءات). ويقصد بصاحب المكان في هذا الصدد حائزه الفعلي. وإذا نفذ مأمور الضبط القضائي تفتيش المكان بناء على انتدابه من المحقق فإنه يخضع للقواعد التي تسري على سلطة التحقيق.

وكانت المادة ٤٧ إجراءات قبل الحكم بعدم دستوريتها تجيز المأمور الضبط القضائي – – عند التلبس بجناية أو جنحة – تفتيش منزل المتهم من تلقاء نفسه وأوجبت المادة ٥١ إجراءات في هذه الحالة حصول التفتيش بحضور المتهم أو من بيه عنه كلما أمكن ذلك، وإلا فيجب أن يكون بحضور شاهدين، ويكون هذان الشاهدان بقدر الإمكان من أقاربه البالغين أو من القاطنين معه بالمنزل أو من الجيران، وإثبات ذلك في المحضر. ولكن، لا مجال لتطبيق هذا النص (المادة ٥١ إجراءات بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادة ٤٧ إجراءات ،،،

وقد ميز قانون العقوبات المصري تفتيش مقر نقابة المحامين أو إحدى النقابات الفرعية بحكم خاص، فنص على وجوب حضور نقيب المحامين أو رئيس النقابة الفرعية أو من يمثلها (المادة ۹۹ من قانون المحاماة).

 تنفيذ التفتيش

 أسلوب تنفيذ التفتيش

إذا كان التفتيش بحسب طبيعته يمس الحياة الخاصة للشخص، لكن تنفيذه قد يمس كرامته لذلك وجب مراعاة عدم المساس بالكرامة الإنسانية. وضمانا ذلك يخضع تنفيذ التفتيش للقواعد الآتية:

يقتضي تفتيش المتهم الحد من حريته الشخصية بالقدر اللازم لتنفيذه، وذلك بحسب أن القهر عنصر لا غنى عنه لتنفيذ هذا الإجراء. فإذا ألقى المتهم المخدر الذي كان يحمله مثلا قبل الإمساك به لتفتيشه أو تفتيش منزله، فإن حالة التلبس تكون وليدة عمل مشروع.

ولما كان التفتيش لا يمس إلا الحق في سرية الحياة الخاصة، فلا يجوز أن يمتد إلى الحق في سلامة الجسم أو غير ذلك من الحقوق الملازمة للشخصية والتي تكون جوهر الحرية الشخصية.

فإذا أخفى المتهم الشيء في موضع العورة منه لا يجوز المساس بهذه العورة، لما ينطوي عليه هذا الفعل من هتك عرض المتهم. وهو ما لم يجزه القانون حماية للآداب العامة. ومع ذلك يجوز الالتجاء إلى الطبيب لإخراج هذا الشيء، وذلك بوصفه خبيرا يقدم خبرته في ضبط الدليل بوسيلة لا يستطلعها الشخص العادي

إن أسلوب إجراء التفتيش متروك لتقدير القائم به فله تقدير الوقت المناسب لتنفيذ الإذن الصادر له خلال المدة المحددة، قانونا وبالأسلوب الذي يراه كفيلا لتحقيق الغرض منه.

ومن ثم، فلا عيب إذا رأى دخول المنزل المراد تفتيشه من سطح منزل مجاور له ولو كان في استطاعته الدخول من بابه، وله أن يستعين في تنفيذ التفتيش بمرؤوسيه من غير رجال الضبط القضائي ما داموا يعملون تحت إشرافه، وله أن يستمر في تنفيذ تفتيش المتهم أو منزله رغم عثوره على جسم الجريمة أو بعض أدلتها، بحثا عن أدلة أو أشياء أخرى متعلقة بالجريمة موضوع التحقيق. ولذلك لا يعيب الإذن بالتفتيش خلوه من طريقة تنفيذه.

وقد نصت المادة ٥٨ من دستور سنة ۲۰۱٤ على أن يحدد الأمر القضائي المسبب بتفتيش المنازل كيفية دخولها أو تفتيشها أو مراقبتها أو التنصت عليها. وهذه الكيفية هي إطار التنفيذ دون الحد من حرية القائم به في إتمامه. كما أوجبت هذه المادة تنبيه من في المنازل عند دخولها أو تفتيشها واطلاعهم على الأمر الصادر في هذا الشأن.

ولمأمور الضبط القضائي أن يتخير الوقت المناسب لإجراء التفتيش، فإذا صدر الإذن بتفتيش المتهم لدى وصوله مستقلا قطارا معينا، جاز لمأمور الضبط تفتيشه عند وصوله في قطار لاحق خلال فترة سريان الإذن. ولا يلتزم مأمور الضبط بطريقة معينة مادام أنه قد اختار الأسلوب الذي يراه محققا للهدف منه. وإذا دفع المتهم بأن من أجرى التفتيش قد تعدى الغرض المحدد بالإذن، فإن التعرف على حقيقة ذلك متروك لمحكمة الموضوع.

تفتيش الأنثى

نصت المادة ٤٦/٢إجراءات على أنه إذا كان المتهم أنثى وجب أن يكون التفتيش بمعرفة أنثى يندها لذلك مأمور الضبط القضائي. وهي قاعدة تحدد نطاق المساس بالحرية الشخصية مراعاة للآداب العامة ولا يتحقق موجب هذه الحماية إلا عندما يكون محل التفتيش من المواضع الجسمانية للمرأة التي لا يجوز لمأمور الضبط القضائي الاطلاع عليها ومشاهدتها وهي عرواتها التي تخدش حياءها إذا مست.

وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض أن إمساك الضابط للمتهمة باليد اليسرى وجدها عنوة من صدرها الذي كانت تخفي فيه المخدر – ينطوي على مساس بصدر المرأة الذي يعد من العورات لديها لما يقتضيه ذلك بالضرورة من ملامسة هذا الجزء الحساس من جسمها. فالنص في الإذن الصادر بتفتيش أنثى على تفتيشها بمعرفة أنثى غير واجب طالما أن محال هذا الوجوب عندما يكون إجراؤه في المواضع الجسمانية التي تعد من العورات.

ويشترط لذلك أن يلامسها لتظهر ما تخفيه بداخلها مما يؤدي إلى كشف بعض عرواتها حتى يقع التفتيش باطلا، فإذا لم يصل التفتيش إلى هذا الحد فإنه يقع صحيحا.

مثال ذلك النقاط الضابط لفافة المخدر من بين أصابع قدم المتهمة، أو ند به طبيبا لغسل معدتها، أو أن يفتح يدها عنوة، أو متر المتهمة خلف حاجز وتغطية جسمها ثم إخراجها المخدر بنفسها طواعية من داخل ملابسها، أو استخلص الحقيقة من يدها لا يشترط أن يصطحب مأمور الضبط القضائي أنثى عند انتقاله لتفتيش أنثى أو منزلها، فهذا الإلزام مقصور على تنفيذ التفتيش ذاته في مواضع تعد من عورات المرأة.

وإذا أخرجت المرأة الشيء من ملابسها فلا يعد ذلك تفتيشا ولو كان تحت تأثير تهديد رجل الضبط القضائي بتفتيشها بنفسه.

وننبه إلى أن محكمة النقض قد أجازت للطبيب الكشف عن المخدر في مكان حساس من جسم المرأة بناء على أنه نفذ هذا الإجراء بوصفه خبيرا. ومفاد هذا القضاء أن الخبرة تمتد إلى ضبط الدليل بوسيلة لا يستطلعها الشخص العادي.

وقد قضت محكمة النقض أنه يكفي مجرد الندب الشفوي للأنثى، لأن اشتراط هذا الندب جاء عندما يكون التفتيش في المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليها ومشاهدتها بقصد الحفاظ على عورات المرأة التي تخدش حياءها إذا مست كما خلا القانون من اشتراط حلف الأنثى اليمين قبل ادائها المهمة التي أسندت إليها،

ولا تسري هذه الحالة ما أجيز لمأمور الضبط القضائي من تحليف الخبير اليمين إذا خيف فيما بعد عدم استطاعة سماع شهادته بيمين نافلة القول أنه إذا كان مأمور الضبط القضائي أنثى لا يلزم عند تفتيش المرأة ندب أنثى لعدم وجود موجب لذلك.

ضبط ما يكشف عرضا

نصت المادة٥٠/٢ إجراءات على أنه إذا ظهر عرضا أثناء التفتيش وجود أشياء تعد حيازتها جريمة أو تفيد في كشف الحقيقة في جريمة أخرى جاز لمأمور الضبط القضائي أن يضبطها مادامت ظهرت عرضا في أثناء التفتيش مما يعد حالة تلبس. مثال ذلك عثور مأمور الضبط القضائي في أثناء تفتيش منزل المتهم بالسرقة على قطع من الحشيش تفوح رائحته داخل علبة سجائر قدر أنه قد يوجد بها جزء من المبلغ المسروق،،،،

كما أن ضبط المخدر عرضا في أثناء التفتيش عن الأسلحة والذخائر ونتيجة لما يقتضيه البحث عن الذخيرة – يقع صحيحا. وقد قضت محكمة النقض أنه لا يحول دون ذلك أن يكون التفتيش قد أسفر عن غير ما انصبت عليه التحريات فإذا دلت على قيام الطاعن بالتزوير وأنه يقوم بتقليد عملات أجنبية ووطنية فصدر إذن من النيابة بالتفتيش على هذا الأساس فيتم ضبط أوراق رسمية مزورة وأختام مقلدة عرضا أثناء تنفيذ التفتيش، ولا يقدح في جدية التحريات أن يكون ما أسفر عنه التفتيش غير ما انصبت عليه التحريات لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقوماتها لا بنتائجها.

وتتوقف صحة هذا الضبط على ثبوت أن الاشياء المضبوطة قد ظهرت عرضا في أثناء التفتيش المتعلق بالجريمة موضوع التحقيق ودون سعي يستهدف البحث عنها، وأن العثور عليها لم يكن نتيجة التعسف في تنفيذ التفتيش بالبحث عن أدلة جريمة أخرى غير التي يدور التحقيق بشأنها.

ومثال هذا التعسف أن يفتح مأمور الضبط علبة صغيرة فيجد فيها مخدرا في أثناء بحثه عن بندقية بدون ترخيص، ففي هذه الحالة يكون الضبط باطلا. وإذا كانت حالة التلبس هي التي تبرر صحة ضبط الأشياء التي تعد حيازتها جريمة إذا ظهرت عرضا أثناء التفتيش دون حاجة للمادة ٥٠/٢ إجراءات، فإن هذه المادة. السند القانوني لضبطه الأدلة التي تفيد في كشف الحقيقة في جريمة أخرى، دون أن تتوافر بضبطها حالة التلبس. ولذلك فإنه إذا كان التفتيش الذي أسفر عن ضبط الأشياء عرضا قد وقع صحيحا في القانون، فلا يغير من صحته أنه كان عن جريمة لم ترفع لها الدعوى.

هل يجوز تفتيش من يوجد مع المتهم

نصت المادة ٤٩ إجراءات على أنه إذا قامت أثناء تفتيش منزل المتهم قرائن قوية ضد المتهم أو شخص موجود فيه على أنه يخفي معه شيئا يفيد في كشف الحقيقة، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه. وقد ذهبت محكمة النقض إلى أن الإذن بتفتيش شخص معين ومن قد يكون موجودا معه وقت التفتيش على تقدير اشتراكه معه في الجريمة أو اتصاله بالواقعة التي صدر أمر التفتيش من أجلها يكون صحيحا في القانون،

لكن شرط ذلك أن توجد قرائن قوية على أن هذا الغير يخفي شيئا يفيد في كشف الحقيقة وكان وجوده ينم عن احتمال اشتراكه في الجريمة، أو كانت الأحوال التي أحاطت به توحي بأن له اتصالا ها بحكم ظاهر صلته بالمتهم الضالع فيها والفرض في هذه الحالة أن الأشياء التي يخفيها المتهم أو الشخص الموجود معه لا تعد حيازتها جريمة ولا تمثل حيازتها حالة التلبس وإلا حاز القبض والتفتيش وفقا للقواعد العامة ،،،

ولا أهمية لهذه المادة إلا إذا كانت الأشياء التي يخفيها غم المتهم الذي وجد معه هي مجرد قرائن تفيد في كشف الحقيقة، أما إذا كانت هذه الأشياء مما تعد حيازتها جريمة سواء كانت مع المتهم المراد تفتيشه أو مع غيره فإنه يجوز تفتيشه بناء على الدلائل الكافية المادتان ٣٤ و٤٦/١ إجراءات)

ضبط الأشياء

الشروط الشكلية للتحقق من سلامة الأشياء المضبوطة

الغاية من التفتيش هي ضبط الأشياء التي استعملت في ارتكاب الجريمة أو نتجت عن ارتكابها أو وقعت عليها الجريمة، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة. وبعبارة أخرى، فإن الغاية من التفتيش – بوجه عام – هي ضبط الأدلة المادية التي تفيد في إثبات الحقيقة. وللتحقق من سلامة الأشياء المضبوطة وعدم العبث بها أو تغييرها أوجب القانون مراعاة الشروط الشكلية الآتية:

-تعرض الأشياء المضبوطة على المتهم، ويطلب منه إبداء ملاحظاته عليها، ويعمل بذلك محضر يوقع عليها المتهم، أو يذكر امتناعه عن التوقيع (المادة ٥٥/٢ إجراءات).

-إذا وجدت في منزل المتهم أوراق مختومة أو مغلقة بأية طريقة أخرى، فلا يجوز المأمور الضبط القضائي أن يفضها (المادة ٥٢ إجراءات).

الالتزام بضبط الأشياء المتعلقة بالجريمة والمحافظة عليها

نصت المادة ٥٠ من قانون الإجراءات الجنائية على أنه لا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجاري جمع الاستدلالات أو حصول التحقيق بشأنها. وهو مبدأ عام يتفق مع وظيفة التفتيش والهدف منه، مما يوجب أن ينحصر التفتيش في الجريمة التي وقعت محل التحقيق.

ولضمان المحافظة على الأدلة المضبوطة يجب مراعاة ما يأتي:

1- لمأموري الضبط القضائي أن يضعوا الأختام على الأماكن التي ها آثار أو أشياء تفيد في كشف الحقيقة ولهم أن يقيموا حراسا عليها. ويجب عليهم إخطار النيابة العامة بذلك في الحال. وعلى النيابة إذا ما رأت ضرورة ذلك الإجراء أن ترفع الأمر إلى القاضي الجزئي لإقراره المادة ٥٣ إجراءات).

ولحائز المكان أن يتظلم أمام القاضي من الأمر الذي أصدره بعريضة يقدمها إلى النيابة العامة وعليها رفع التظلم إلى القاضي فورا (المادة ٥٤ إجراءات).

2- لمأموري الضبط القضائي أن يضبطوا الأوراق والأسلحة والآلات وكل ما يحتمل أن يكون قد استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عن ارتكابها أو ما وقعت عليه الجريمة وكل ما يفيد في كشف الحقيقة (المادة ٥٥ إجراءات).

ويباشر مأمور الضبط هذه السلطة بوصفها نوعا من جمع الاستدلالات ولو كانت النيابة العامة قد بدأت التحقيق. فإذا كانت الأشياء المشار إليها في المادة ٥٥ إجراءات مما يتطلب من النيابة العامة إذنا بالتفتيش لخروجه عن سلطته في حالة التلبس، وجب الحصول على هذا الإذن، وفي هذه الحالة يباشر الإجراء بوصفه منتدبا للتحقيق.

توضع الأشياء والأوراق التي تضبط في حرز مغلق وتربط كلما أمكن، ويختم عليها ويكتب على شريط داخل الختم تاريخ المحضر المحرر بضبط تلك الأشياء، ويشار إلى الموضوع الذي حصل الضبط من أجله (المادة ٥٦ إجرءات).

3- لا يجوز فض الأختام الموضوعة على الأماكن أو الأحراز إلا بحضور المتهم أو وكيله ومن ضبطت عنده هذه الأشياء أو بعد عودتهم لذلك (المادة ٥٧ إجراءات).

ولما كان الغرض من هذه الإجراءات هو المحافظة على الأدلة وضمان سلامتها، وهو ما يمكن تحقيقه بدولها، فإن إغفالها أو مباشرتها على وجه معين لا يترتب عليه البطلان وكل ما يترتب على ذلك هو احتمال ألا تطمئن المحكمة إلى سلامة الدليل. فالأمر موضوعي متروك لتقدير المحكمة على ضوء ما تستبينه من الظروف ومدى احتمال العبث بالدليل المضبوط أو تغييره،،،،

فإذا تشككت في الأمر وجب عليها أن تفسره لمصلحة المتهم. وطرحها للدليل في هذه الحالة مصدره عدم الاقتناع لا البطلان وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن عدم مراعاة إجراءات التحريز لا يترتب عليه البطلان مادامت قد استوثقت أن الشيء الذي ضبط عند المتهم لم يحصل عبث به.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى