عصابات دولية تنصب على مصريين عبر فيسبوك وتستدرج ضحاياها لمقر إحدى السفارات
عجوز تطلب من ضحاياها توزيع 3 ملايين دولار صدقة لتشفى من مرض خبيث
كتب – محمد خميس:
يتعرض العديد من الشباب إلى محاولات للنصب عليهم، فمنهم من يستجيب والكثير يدرك أن تلك حيل لاستدراجهم والنصب عليهم من قبل مجهولين سذج ليس أكثر، فلم يكن علاء مصطفى، صاحب ورشة ميكانيكا في صعيد مصر يعلم أنه على موعد مع أخطر عصابة تحترف النصب عن طريق الانترنت وإيهام ضحاياهم بإرسال مبالغ مالية كبيرة إليهم لأغراض إنسانية وتوزيعها على الفقراء في دولهم.
تلقى علاء وهو فني ميكانيكا رسالة على حسابه الشخصي فيس بوك من سيدة عجوز أجنبية، في البداية كان مرحبا بها ترحيبا كبيرا، خاصة وأن تلك السيدة قد تكون طوق النجاة له للعمل في احدى مصانع السيارات الكبرى في أوروبا، ودخلت الطمأنينة الى قلبه حيث أن بينهما صديق مشترك على الفيس بوك يعمل بالسياحة دائم التردد إلي ورشته لإصلاح سيارته، معتقدا أنه على علاقة مباشرة بتلك السيدة وليست شخصا وهميا.
لا يحترف علاء اللغة الانجليزية ولكن جوجل سهل عليه الكثير في تفهم ما تكتبه له تلك العجوز التي تعلق المحاليل في احدى المستشفيات ببريطانيا كما تدعي، كل ما قامت به تلك السيدة هو ارسال صور تؤكد انها باحدى المستشفيات، وأخبرته بأنها سوف ترسل له مبلغ 3 ملاييين دولار وتوصيه بتوزيع كل هذه المبالغ للفقراء والمحتاجين في بلده على أن يأخذ ثلث ذلك المبلغ لنفسه نظير المجهود الخيري الذي سيقوم به.
وقال علاء في لقاء خاص لموقع الجريدة أنه شعر بمسؤولية كبيرة بمجرد أن طلبت منه توزيع تلك المبالغ على الفقراء والمحتاجين، وقام بتصديق القصة، خاصة وأنها أرسلت له صورا لتلك الدولارات بداخل حقيبة سوداء، مع صورة لشيك مكتوب عليه جميع بياناته والمبلغ المرفق مع الحقيبة السوداء، وأن هناك شخصا دبلوماسيا سوف يلتقيه في مبنى السفارة البريطانية بالقاهرة ليعطيه تلك الأموال ليتولى هو مهمة تنفيذ وصية تلك السيدة التي على أمل أن تشفى بمجرد أن يتم توزيع اموالها في الخير.
حبكة القصة هو أبرز ما يميزها خاصة وأنها اخبرته بأن الشخص الدبلوماسي الذي ينتظره في مبنى السفارة سوف يلتقيه وهو ليس على علم بما في تلك الحقيبة، ولا يجوز له فتحها على الاطلاق، كما أن تلك الأموال لا يحوز تحويلها من دولة لدولة من دون شخصية دبلوماسية، وعندما سالت علاء عن اسم الدبلوماسي أجابني بأنها رفضت البوح باسمه، وطلبت منه دفع مبلغ 2500 دولار كرسوم جمرك قام الدبلوماسي بدفعها في المطار، وبمجرد أن يدفع له تلك القيمة سوف يقوم بتسليمه تلك الحقيبة المفعمة بـ 3 ملايين دولار.
دخل الشك الى قلب علاء عندما طلبت منه دفع قيمة الجمرك ولكنه عندما عاد الى المحادثة التي بينه وبينها برر لها ان الشخص الدبلوماسي الذي سيلتقيه ليس على علم بما في الحقيبة من اموال، وفي الحال طلب منها أن يدفع له قيمة الجمرك من الأموال التي في الحقيبة بدلا من احضار اموالا معه.
هنا رفضت ذلك الاجراء وقالت عليه ان يتحلى بالسرية التامة لكي ينجز المهمة المطلوبة منه بسلام وبدون أن تصادر تلك الاموال من قبل الحكومة المصرية إن علمت بالقصة، وكان ردها له يزيد من الشك في قصتها وزاد من احتمالية أن يكون ذلك مجرد نصب، ليكتشف أن ما بداخل الحقيبة سوى بعض الحصى أو الاوراق التي ليس لها أية قيمة.
فوجئ علاء باتصال من رقم غير مسجل لديه ويحدثه باللغة الانجليزية، وكان التفاهم بينهما غاية في الصعوبة الامر الذي جعل الطرف الاخر يحاول التحدث معه باللغة العربية ولكن بطريقة ركيكة جدا، هنا حاول علاء التقاط الكلمات منه ليحدد معه لقاء في مبنى السفارة البريطانية في القاهرة.
اخبره أنه سوف يغادر القاهرة متجها الى بريطانيا مساء اليوم التالي وعليه أن يحضر في الصباح ليستلم الحقيبة الخاصة به مع مبلغ الجمرك الذي دفعه الدبلوماسي كما يدعي، وهنا شعر علاء بأن ما يقوم به مجازفة كبيرة جدا، فقام بالاتصال بعدد من العملاء الذين يترددون عليه يعملون في القضاء وهنا حذره أحدهم من التعامل مع تلك الأنواع من العصابات الدولية، حيث أن الشخص قد يلتقيه داخل مبنى السفارة كمكان آمن له ويطلب من ضحيته الانتظار ليدخل مكتبه ليجلب له الحقيبة الخاصة به وبمجرد أن يدخل أحد أروقة مبنى السفارة يقوم بالفرار إلى خارج المبنى وعندما يطلب الضحية مقابلة الشخص الذي التقاه يتم اخباره بأنه زائر مثله وليس له علاقة بالسفارة من قريب أو من بعيد، وهنا يصعب الامساك به.
قرر علاء في اللحظات الاخيرة عدم اكمال المسيرة التي كادت أن تعرضه للنصب خاصة عندما حذه اكثر من صديق من المجازفة مع اشخاص غرباء يدور حول كلامهم العديد من علامات الاستفهام، ولم يقم علاء باجراء بلاغ الى الشرطة بما حدث معه واكتفى بالتحذير من التعامل مع مثل هذه العصابات الدولية التي تخترق المجتمع المصري عن طريق التواصل على شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.